منتدى مها وهدير
منتدى مها وهدير
منتدى مها وهدير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مها وهدير

الموضوعات العامه
 
الرئيسيةمنتدى مها وهديرأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 خيوط الفجر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
عضو ذهبى
عضو ذهبى
Admin


ذكر عدد المساهمات : 1131
تاريخ التسجيل : 29/12/2010

خيوط الفجر Empty
مُساهمةموضوع: خيوط الفجر   خيوط الفجر Emptyالخميس يناير 20, 2011 4:23 pm



خيوط الفجر
بقلم : أ. محمد بن علي البدوي
جسر قديم ممتد بين ( جوارزدي ) و ( سربنيتشا ) أعمدة إنارة تحتضر على جانبي الجسر ، الشفق يؤذن باقتراب الليل ، والظلام يبدأ زحفه الصامت على الكون .. نهر صغير يجري تحت الجسر ، رائحة الجثث الملقاة في النهر تزكم الأنوف ، وقع أقدام مترهلة ، شبح قادم ، أنفاس متتابعة، كان القادم شاحب الوجه، رث الثياب ، حافي القدمين ، قادماً من أتون الحرب المستعرة ، يتمتم :
- اللعنة عليهم.. قتله.. كلاب شوارع ضالة !!
توقف أخيراً ، وهدأت أنفاسه المضطربة ، كان " محمد لاتيش " يلقي النظرة الأخيرة على أنقاض قريته المحتضرة بعد أن اجتاحتها علوج الصرب ، يعانق بناظريه أطلال القرية المنكوبة ، الدموع تنهمر من عينيه بغزارة ، وقد تسمر على ذلك الجسر المتهالك يسترجع شريط ذكرياته المرة :
" القرية الصغيرة الوادعة القابعة خلف التلال البعيدة ، الطرق الضيقة ، الأبنية المتلاصقة القابعة خلف التلال الخضراء والمروج الغنية بالعشب الجبلي ، الرجال في الحقول ، والنساء في البيوت وَ " محمد لاتيش " إمام المسجد ، الشاب المحبوب الذي عاد مؤخراً من الأزهر وعين إماماً لمسجد القرية ، الجميع هنا يحترمونه ويقدرونه فهو الشيخ " لاتيش " مدرس القرآن في المدرسة الوحيدة في القرية ، وشيخ حلقات القرآن في المسجد ، وهو أب لطفله الصغير " علي " وقد أسماه تيمناً باسم رئيس الجمهورية ، فالجميع هنا يحب الرئيس ، ويلقبونه بالشيخ ، ويدينون له بالولاء والطاعة .. سحب السعادة تعبر سماء القرية ، والشمس الساطعة تمنحهم دفء الإخوة"
الدموع تنهمر من عينيه بغزارة ، وهو يتقدم على الجسر خطوات ، والليل تشق سواده،
أصوات هدير الرصاص ، ودوي المدافع تختلطان ببقايا الذكريات المرة التي تتجمع في ذاكرته ، و تنداح في مخيلته ، كما ينداح حجر الرحى ، وهو يحدق في بقايا القرية ، يستعيد الذكريات :
" سماء القرية ملبدة بالغيوم ، حبلى بالقلق المجهول ، ريح عاتيه تنذر بالعاصفة القادمة ، والأخبار تفيد : أن العاصمة سراييفو محاصرة ، فالحرب التي بدأت منذ شهور ، أصبحت حديث القرية ، و" محمد لاتيش " يدعو الناس إلى التماسك وتوحيد الجهود ، ويدعوهم إلى الجهاد والدفاع عن البلاد ، ويرغبهم في الموت من أجل الله ، وهو بنفسه يشرف على حملات التطوع ، ويقيم مراكز التدريب ، ويردد آيات الأنفال .. وفي ذات يوم !! وقبل غروب الشمس ، خلف الجبال الصامتة ، عندما كان الناس في طريق العودة إلى منازلهم ، بدأت هدايا الصرب تنهال على القرية من كل مكان ، والمدافع تنفث سمها الملتهب على الجميع ، فالصرب قد هاجموا القرية ، أخذت الأشلاء تتناثر، والدماء تسيل تروي أرض القرية ، وتنبت شجرة الكرامة ، والرجال الصامدون يقاومون وقوافل الشهداء تتحرك ، لكن الطوفان كان قوياً فاجتاح القرية ......
رياح خفيفة تلعب الجسر ، وصور المأساة لم تفارق ذاكرته بعد .. زوجته وابنه عندما انهدم عليهما البيت .. أطفال القرية وهم يستنجدون .. الرجال وهم صرعى مجندلون على ثرى القرية ، كل ذلك كان " لاتيش " يشاهده من تحت أنقاض المسجد بعد أن انهدم عليه وهو يخطب في القوم ويحدوهم إلى الله ، وظن الجميع أن " لاتيش " قد مات ....
الشمس ترسم لوحة العودة " ولاتيش " يرقب طلوع الفجر باهتمام بالغ ، وابتسامة ترتسم على ثغره برغم فصول المأساة ، بزغ الفجر أخيراً ، كان " لاتيش " قد توارى بعيداً لكن صوته لم يزل مسموعاً ، وصداه يملأ الأرجاء :
صبراً ( سراييفو ) إن بعد الليـل فجـراً
صبراً ( سراييفو ) إن بعد العسر يسراً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://1959.forumegypt.net
 
خيوط الفجر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خيوط الحرير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مها وهدير :: الفئة الأولى :: منتدى الشعر والخواطر-
انتقل الى: