مصر فوق الجميع
بقلم: د.مجدي بدران
قام الشباب المصري الواعي بمظاهرة سلمية يوم 25 يناير في ميدان التحرير وبعض المدن المصرية طالبوا بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية وتشريعية. من حق الشباب المصري المثقف التظاهر والمطالبة بالتغيير ولقد فعلوها بصورة حضارية. ولهم كل الفخر انهم خلصوا مصر من حكومة غلب عليها البيزنس. خسرت حب الشعب وفجرت موجات الغضب التي دعت السيد الرئيس حسني مبارك أن يستجيب للشباب ويجدد نظام الحكم ويعين السيد عمر سليمان نائبا للرئيس والفريق احمد شفيق رئيسا للوزراء وكلاهما من أبناء القوات المسلحة صمام الأمان دوما لمصر وشعبها الوفي.
ركب تحالف الشياطين الموجه وسرق الفرحة وحاول ان يصفي حسابات قديمة لا شأن للشعب بها. راح ينتقم من الناجحين ويدمر الاقتصاد ويعود بنا للوراء يروع الاطفال والنساء متعطشا لسفك المزيد والمزيد من الدماء. نهبت المحال التجارية وسرقت بعض البنوك وراح المجرمون يتصارعون علي سرقة كرسي أو باب منزوع أو قاعدة حمام. أي خراب لأي مبني أو ورقة أو سيارة يحرق قلوبنا ويحرق أموالنا.
مهما كان هناك من حالات فشل أو فساد أو اخفاق أو فقر فليست مبررات للسرقة أو البلطجة أو الفوضي الخلاقة أو غير الخلاقة. لم نكن نتوقع توحش المجرمين واستيلائهم علي ثورة المظاهرات ليحولوها إلي كارثة السرقات المنظمة في ظل غياب غريب للشرطة حامية الشعب. رب ضارة نافعة فجرت السرقات طاقات كامنة لم نكن نراها في شبابنا. وقف شبابنا في شوارع مصر يحرسون الممتلكات العامة والخاصة ويستبسلون في حماية نساء وأطفال وشيوخ مصر. جرح بعضهم واستشهد بعضهم. يواصلون الليل بالنهار. يثبتون للعالم كله ان شباب مصر درع منيع يحمي مصر دوما من كل طامع أو مجرم أو خائن يختلف تماما عن الأمثلة الفاسدة التي طيرتها الفضائيات عن قلة المجرمين الضالين. بات واضحا ان أيادي خارجية وضعت مخططا تخريبيا للنيل من مصر الأبية. نصبوا له العديد من الخونة والعملاء. المخطط بدأ منذ محاولة الوقيعة بين عنصري الأمة عدة مرات متتالية في فترة وجيزة اخرها تفجير كنيسة القديسين بواسطة أجانب مما كان يراد منه الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين مع فشل تأجيج الفتنة الطائفية تم التفكير بسرعة في اندلاع مظاهرات الغضب يوم عيد الشرطة ولم تكن صدفة ولما نجحت المظاهرات حضر اقطاب قناة الجزيرة المختصة بغسل عقول العرب لنشر الفوضي الهدامة حسب البرامج المصممة من الخبراء الأجانب الذين يتولون ادارتها ويغدقون الأموال الطائلة علي كل من يتعاون معها من المراسلين والضيوف.
لم يكن نشر الأخبار الكاذبة عن طريق قناة الجزيرة المتآمرة صدفة. لم يكن هدم المحاكم ومراكز الشرطة صدفة. لم يتم تهريب المجرمين من السجون وتسليحهم بالبنادق التي جاءت من الشرق كالعادة في عربات بدون أرقام صدفة. هل كان رفض الوزارة الجديدة قبل معرفة أعضائها صدفة؟ هل توقيت التظاهر بعيد مظاهرات تونس وتقسيم السودان ومحاولة تقسيم لبنان صدفة؟ هل اقتران المظاهرات مع الانفلات الأمني وفتح السجون كان صدفة؟
فوجئت عصابات الفوضي الهدامة بتكاتف الجيش مع الشعب وراح ابطال الجيش وسط ترحيب الشعب يحمي الممتلكات العامة. ينشر الأمان ويحفز الهمم وتحول شباب المظاهرات إلي جنود تحمي الجبهة الداخلية وبذلك ضاعت أحلام التدخل الأجنبي وفشل العملاء في تنصيب ابليس الظلام رئيسا لمصر السلام.
يجب استثمار ثورة الشباب ومنحهم الفرصة في اثبات وجودهم بفرص عمل جديدة وعلي رجال الأعمال المساهمة الفورية في القضاء علي البطالة وهم الفائزون حتي لو أقاموا مشاريع قليلة أو عديمة الربح يكفيهم الاستقرار. يكفيهم الأمان حتي لا تحترق مشاريعهم وتنهب ثرواتهم. يجب علي الشباب أن يعي ان التغيير لن يتم بعصا سحرية أو خاتم سليمان أو مصباح علاء الدين لكن بالحكم والتأني والخبرة واعمال العقل والاستقرار. يجب ألا يتحولوا من انصار للتغيير إلي معاول للتدمير. يجب التعقل في مطالبة الحكومة بمطالب تعجيزية. هناك أولويات للمطالب. بعض المتظاهرين له مطالب شخصية. بعضهم لا يعرف ماذا يريد. بعضهم تلذذ بنشوة استمرار المظاهرات. اندس بينهم من يحمل أجهزة اتصال بالأقمار الصناعية وسفارات أجنبية.
يجب أن نحكم صوت العقل. يجب أن نساعد الحكومة الجديدة في علاج سلبيات الحكومة السابقة. يجب توفير فرص للشباب لحل مشكلة البطالة ومحاربة الفساد وشد أزر الاقتصاد وإصلاح ما تم تخريبه بأيدي المجرمين. علينا اعادة الهدوء والاستقرار ولنمنح الحكومة الجديدة الفرصة لمكافحة التضخم وغلاء الأسعار واعادة توزيع أموال الدعم لتصل للفقراء فعلا.
ما دمنا بدأنا نحارب الفساد فيجب علينا ألا نصبح انصارا جددا للفساد. من يحرم الناس من الذهاب إلي أعمالهم ومنازلهم. ينضم لأباطرة الفساد. من ينشر الرعب والخوف والهلع اصبح من أهل الفساد.
شباب مصر كلهم اخوة وسنجد في الكثير من الأسر المصرية شابا شارك في مظاهرة 25 يناير الحضارية وأخاه ضابط شرطة يحفظ الأمن ويمنع تسرب الأشرار لمظاهرات الاطهار واخاهم الكبير ضابط جيش يتدخل وقت الشدة لاعادة الانضباط. نحيي كل مصري ساهم في الحفاظ علي مصر خاصة شباب مصر المستنير وافراد الجيش وجهاز الشرطة والدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر والبابا شنودة والداعية الإسلامي محمد حسان الذي تواجد في المظاهرات لتهدئة المتظاهرين. عاشت مصر حرة قوية أبية آمنة دوما ان شاء الله.