ذاكرة الأمة
شكري القاضي
مصر هذا الصباح
** أكد الرئيس مبارك في بيانه للأمة مساء الثلاثاء الفائت أن مسئوليته الأولي الآن استعادة استقرار وأمن الوطن. وعلي الفور بدأت جميع القنوات المصرية حكومية وخاصة في مخاطبة الجماهير لإعادة الاستقرار والحفاظ علي أمن مصرنا الغالية. ولكن الملاحظة المزعجة أن الجميع في الاستوديوهات وخارجها اعتبروا الشباب المتظاهر أو المحتج علي حد تعبيرهم فئة خارجة عن النص يجب التصدي لها وإزاحتها عن المشهد.
- بعض هذه القنوات وفي مقدمتها قنوات المحور ودريم والحياة كانت تنقل نبض الشارع إلي حد وصفها بالمعارضة. ولكن هذه القنوات جميعها تحولت فجأة إلي تابع للتليفزيون الرسمي وهذا أمر في غاية الخطورة. فالأمر الآن لا يتعلق باستمرار الرئيس مبارك من عدمه بقدر ما يتعلق بمصير أمة وشعب. فواقع الحال أن مصرنا تواجه لحظات تاريخية عصيبة يجب التعامل معها بالعقل والحكمة. فكم كان بعض الضيوف مدعاة للسخرية. فها هو نائب سابق في المجلس النيابي جاء لتصفية حساباته مع أمين تنظيم الحزب الحاكم السابق وعندما كشفته إحدي المشاهدات وأكدت أنه يركب الموجة ويدافع عن مصالحه الشخصية تلون وجهه بألوان الطيف. وإذا به يدعو جميع الضيوف في الاستوديو بمخاطبة الشباب بميدان التحرير إلي فض اعتصامهم فورا..!!
- أفهم أن تكون تلك الدعوة صادرة من مسئولين حكوميين ولكن أن تصدر عمن يدعي الوطنية والدفاع عن مصالح الجماهير فإنها تصبح تجسيدا ملموسا لمعني الانتهازية السياسية. وأما مشاهير المذيعين من مقدمي البرامج أمثال معتز الدمرداش ومني الشاذلي وعمرو أديب فقد حرصوا علي استقبال كافة الأصوات التي تتهكم من ثورة الشباب في ميدان التحرير. ورأيي الشخصي أن الآلة الإعلامية تسير عكس الاتجاه. فقد اتضحت الرؤية وبات واضحا أن القيادة السياسية اتخذت قرارات إيجابية باتجاه تلبية متطلبات الشباب وكلها متطلبات شرعية أكد رئيس الحكومة الجديد أحمد شفيق في حواره مع قناة الحياة أنه مكلف بتفعيلها علي الأرض. وكان يجب علي إعلام الدولة التفاعل مع استجابة الرئيس لمطالب الجماهير لإعادة الأمن والاستقرار لبلادنا وبالتالي إعادة الحياة الطبيعية لمصر العظيمة وشعبها الأبيّ.
** فإذا كان الرئيس مبارك قد أمر بمحاسبة المقصرين عن أحداث الفراغ الأمني الذي روّع الشعب المصري ونشر الفوضي بامتداد البلاد وعرضها في إشارة واضحة إلي محاكمة وزير الداخلية السابق. فإن وزير الإعلام يجب أن يعي الدرس ويتفاعل مع الشارع المصري بكافة طوائفه لإقامة جسور ثقة جديدة مع الجماهير والتمهيد لعودة الحياة الطبيعية. وليس تجاهله. فما يحدث في الشارع ثورة شعبية بكل ما تعنيه الكلمة من معان. فنحن مع الشرعية وضد كل المغرضين الذين يريدون النيل من إرادة الشعب المصري وهز استقراره. وكم أزعجني مقولة لإحدي الناشطات تعقيبا علي تجاهل ثورة الشباب قائلة: "الكذب حصري علي التليفزيون المصري"..!
** آخر الكلام:
أكتب هذه السطور ظهر الأربعاء. ولست أدري كيف سيكون الحال هذا الصباح. فالأمر جد خطير. ومصر مقدمة علي عهد جديد. والقوات المسلحة المصرية قادرة بإذن الله علي حفظ أمن واستقرار هذا الوطن العظيم والحيلولة دون تعرض شبابنا لمجزرة تطيح بالأخضر واليابس. فإذا كان حق التظاهر مشروعا للجميع فيجب حماية المظاهرات المؤيدة للرئيس مبارك بنفس القدر الذي تحمي به مظاهرات ثورة الشباب دون تمييز. ومن ثم الحيلولة دون احتكاك المؤيد والمعارض حتي لا تخرج الأمور عن السيطرة.. عاشت مصر حرة مستقرة.