لا يمكن القول.. إن الحياة الطبيعية عادت إلي الشارع المصري.. فمازال هناك أُناس محتجون.. ومتظاهرون.. ومعترضون.. علي رأسهم رجال الشرطة من الأمناء والأفراد الذين يطالبون بزيادة مرتباتهم.. فضلاً عن معاملتهم معاملة إنسانية كريمة لا سيما من حيث العلاج الطبي.. فالفجوة في هذا الصدد هائلة.. وهائلة جداً بينهم وبين الضباط..!
وطبعاً.. عندما يضرب أمثال هؤلاء عن العمل.. ويتجمعون أمام مقر وزارتهم.. فلا نستطيع عندئذ الاطمئنان إلي سلامة الأحوال الأمنية.. فبكل المقاييس.. لن يتوفر الأمن المنشود.. خصوصاً في ظل وجود آلاف المساجين خارج الأسوار بعد أن تمكنوا من الهرب.. ومنهم وآخرهم الفارون منذ أيام من سجن المرج..!
* * *
من هنا.. فإن رئيس الوزراء لديه الحق كل الحق حينما يؤكد علي أن شغله الشاغل مع أعضاء حكومته.. إعادة الانضباط.. وتوفير المقومات الأساسية لأمان الناس الذي طالما تباهينا به علي مدي سنوات.. وسنوات..!
لكن لابد أن نضع في اعتبارنا بأن تحقيق هذا الهدف يحتاج إلي أدوات وعناصر أساسية تساعد علي تهيئة المناخ وتنقيته بما يسمح بعودة العلاقات الاجتماعية إلي مجاريها العادية.. فهل يمكن أن يتحقق ذلك علي المدي القريب..!
***
أحسب أن ذلك هو الاختبار الحقيقي أمام حكومة تسيير الأعمال التي أوضح رئيسها ربما لأول مرة في مصر بأن "الوزير" ليس عاملاً فاعلاً في دولاب العمل الحكومي.. وبالتالي فهو ليس في عجلة من أمره لتعيين وزراء في المواقع الشاغرة.. ولقد تابعنا بالفعل.. كيف أضر أنس الفقي إضراراً بالغاً بالإعلام المصري.. مما يجعلنا نُصرْ.. ونؤكد علي ضرورة إلغاء هذه الوزارة إلغاءً كاملاً.. علي الأقل حتي تمحي من ذاكرتنا.. تلك المرحلة الزمنية التي سيطر فيها هذا الرجل علي الابداع بشتي صوره بعد أن انتقل بصورة مريبة وغريبة من بائع كتب ومجلدات إلي وزير شباب.. ثم جلس.. ليصنع وجدان الجماهير..!!
في نفس الوقت.. ياليت.. وياليت.. أن يجيء وزير التربية والتعليم من داخل الوزارة لا من خارجها.. وليكن أحد وكلائها الذين تدرجوا في السلم الوظيفي من أول درجة مدرس.. وما بعدها..!
***
علي أي حال.. نحن لا نريد بحق تضييع الوقت في مثل تلك القضية التي أقر أحمد شفيق بأنها هامشية بكل ما تحمله الكلمة من معني..!
أما الأهم.. والأهم خلال تلك الآونة.. هو ما كانت تطالب به ثورة 25 يناير منذ اندلاعها وحتي الآن.. وأعني به الإصلاح السياسي الجذري والشامل والذي يتمثل من بين ما يتمثل في حل مجلسي الشعب والشوري.. ووضع دستور جديد بصرف النظر عن اسم وصفة.. الهيئة.. أو الجمعية.. أو.. أو.. التي تولي تلك المهمة..!
وهذا ما قرره المجلس الأعلي للقوات المسلحة أمس فله منَّا.. ألف تحية.. وتحية.
هنا.. هنا.. لابد أن يكون واضحاً أن التوقيتات الزمنية بعد تتولي المجلس الأعلي للقوات المسلحة إدارة البلاد.. لم تعد عقبة من قريب أو من بعيد..!
***
في النهاية تبقي كلمة إنصاف وحق في آن واحد:
لقد نفت إمارة الشارقة أمس أن يكون الرئيس مبارك قد جاء إليها.. وأنا شخصياً أعتبر أن هذا موقف كريم وشريف من دولة الإمارات العربية.. بعد أن انصرف عن حسني مبارك أقرب الأقربين سواء داخل مصر.. أو خارجها..!!