هذا هو العدل
محمد عبدالحميد سعد الدين
كاتب وأديب
يوم القيامة ينصب الميزان.. لا ظلم ولا جور.. العدل صفة الخالق.. ويجب أن يكون صفة الإنسان لأنه خليفة الله في الأرض والعدل يوم القيامة أنه من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره والعدل عند خليفة الله مستمد من عدل الله.. والإنسان من شيمته الوفاء والاعتراف بالفضل وإلا نزعت منه صفة الإنسانية وظل الإنسان بصفته من المستحيلات.
لقد ظل الفيلسوف الإغريقي "دلوجين" يحمل قنديلاً في عز النهار يفتش عن شيء لا يجده.. سأله الناس وهم في دهشة من أمره: عن أي شيء تبحث أيها الرجل؟ كان يهتف في وجد "أبحث عن إنسان" فهل نحمل قناديل نحن الآخرين نبحث عن إنسان؟
بعض الناس قدت قلوبهم من حجارة مع أن من الحجارة لما يتشقق فيخرج منها الماء.. وإن منها لما يهبط من خشية الله.. أصحاب القلوب المتحجرة نصبوا ميزاناً ذا كفة واحدة.. والسؤال: أليس من الوفاء أن نذكر لحسني مبارك أنه قائد سلاح الطيران الذي رفع هامات المصريين في حرب أكتوبر المجيدة وأنه الذي حرر طابا برفع العلم المصري فوق ترابها.. وأنه من أسقط ديوناً كثيرة ناءت بها كواهلنا.. وأنه باني مصر الحديثة.. وأنه الذي حقن دماء المصريين حين لم يزج بهم في حروب كثيرة متوقعة.. وأنه الشامخ الذي رفض إقامة القواعد الأجنبية علي أرض مصر.. وأنه الذي استكمل مسيرة السلام بعد رحيل السادات قائد الحرب والسلام.. وأنه.. وأنه.. وأنه.. خطأ حسني مبارك أنه ترأس الحزب الوطني الديمقراطي وأنه أعطي ثقته لمجموعة رجال الأعمال فحدث الزواج المحرم بين السلطة والثروة.. فأفسدوا في الأرض واتخذوا من الحزب غطاءً شرعياً وانغمسوا في إذلال البلاد والعباد وأراد أمين التنظيم أن يكون السياسي الوحيد والتاجر الوحيد والمحتكر الوحيد.. أراد أن يكون هو المشرع والمنفذ. جعل الناس يكرهون حياتهم فأذله الله بعد أن صعر خده للناس وتعالي واستكبر وظن الناس عبيداً وقد خلقتهم أمهاتهم أحراراً.
لقد سقط حاجز الخوف.. سطر شباب مصر الواعي أسماءهم بأحرف من نور.. أسقط البلطجة وتقفيل الصناديق وتسويد التذاكر وشراء الذمم وارغام الشعب المسكين علي بيع صوته وكرامته.. شكراً لشباب مصر.. لكنه الوفاء.. والعدل.. فلسنا قساة إلي هذا الحد ولسنا ممن ينكرون ويتنكرون ولننتظر