{فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلِّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 45].
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص: 6].
{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس: 92].
{وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81].
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء} [آل عمران: 26].
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
اللهم لك الحمد حمداً كثيراً طبياً مباركاً فيه.
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.
اللهم لك الحمد فقد نصرت عبادك، وهزمت الطواغيت، وأسقطت الحزب الوثني.
هذا يوم من أيام الله تعالى، خُتم به ثمانية عشر يوماً كانت نتائجها أقرب إلى الخيال، في ثمانية عشر يوماً سقط الطاغوت، وانقلع ابنه، وذهب المجرم الأثيم صفوت الشريف الذي أجرم منذ زمن العبد الخاسر إلى أن أذهبه الله غير مأسوف عليه، وسقط فتحي سرور المزور الأكبر، والغاش الأعظم، وطرد أحمد عز السارق الأكبر، والمجرم الذي نهب مصر، وتوالى سقوط أصنام الحزب الوثني.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
وهذا هو الشعب المصري يُخْلف ظنون الأمّة فيه التي كانت تظن أنه آخر من يثور، وأنه وديع مسالم منذ زمن فرعون القديم إلى زمن فرعون العصر الحديث، فإذا به يصبح أول من يثور من الدول الإسلامية المهمة المتاخمة لإخوان القردة، ويفتح الطريق للشعوب إلى التحرر من الطغيان.
أمّا أنت يا أيها الرئيس المخلوع، فاقرأ هذا الحديث النبوي الشريف الصحيح: : « إن الله إذا أبغض عبده نادى جبريل: إني أبغض فلانًا فأبغضه، فيبغضه جبريل، وينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه، فيبغضه أهل السماء ثم يوضع له البغضاء في الأرض». رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة فها هي البغضاء تحوطك من كل جانب، وكل شخص يدعو عليك، ويتمنى محاكمتك، ويتقرب إلى الله ببغضك، فماذا استفدت من الثلاثين سنة التي حكمت مصر أثناءها؟ خرجت يلعنك الله ويلعنك الناس ويلعنك التاريخ، خرجت وفي عنقك من الدماء والتبعات والمظالم ما لا يعلمه ولا يحصيه إلا الله، فهو كالبحر الذي لا يُدرى طرفاه، ولا يُعلم عمقه.
ماذا استفدت يا مسكين وستأتي يوم القيامة ويتعلق بك أصحاب المظالم، واقرأ.عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « أتدرون ما المفلس ؟ " قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال : " إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة ، وصيام ، وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طرح في النار ».رواه مسلم، وهذا لمن كانت حسناته عظيمة ومظالمه محصورة، فكيف بك ولا نعلم أن لك حسنات عظيمة ومظالمك كالبحر الزخّار الهائل، نعوذ بالله من الخذلان.
ماذا استفدت يامسكين بعد أن حجرت على أهل غزة وحاصرتهم، ومنعت عنهم المعونات، وحرضت عليهم اليهود، فكم كفاً رفُعت في السحر تدعو عليك؟ وكم عيناً ذرفت دموعها من قهرك لها؟ وكم قلباً حرقت؟ وكم زوجاً أثكلت؟ وكم صبياً وصبية أيتمت؟ وكم مجاهداً قتلت؟
ماذا استفدت يا مسكين وقد كنت عميلاً للصهيونية العالمية، والصليبية العالمية، ولكل أعداء الإسلام ، ووقفت في جانبهم وتنكرت لقومك وأمتك وأدرت لهم ظهرك، وصممت أذنيك عن كل مطالبهم؟
ماذا استفدت يا مسكين بعد أن ألجت في بلادك الربا والزنا والقمار، ونحيت الشريعة ورفضتها رفضاً تاماً وكنت لها عدواً لدوداً، وحكمت بلادك ثلاثين سنة بالقانون الوضعي؟{الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ ِ}[ الحج : 41] ، { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[المائدة :45] ، { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة:47].
ماذا استفدت يا مسكين بعد أن نهبت بلادك، وأفقرت شعبك، ومكنت لكل رويبضة تافه وأبعدت الصالحين، وسجنت المؤمنين، وعذبت الدعاة العاملين؟
ها أنت يا مسكين قد أصبحت في مزبلة التاريخ وذهبت عنك لذة الحكم وبقيت غصته العظيمة، وتذكر قول الفاروق: لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله عنها: لم لم تعبد لها الطريق؟
الله أكبر الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أما أنتم يا أعوان الطاغية ويا أزلام فرعون فاقرؤوا قوله تعالى :
{ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} [هود : 113]
وانتظروا المحاكمة العادلة في الدنيا قبل محاكمتكم أما الجبار العظيم الذي لا تغيب عنه غائبة في الأرض ولا في السماء.
انتظر محاكمة عادلة في الدنيا قبل محاكمة القيامة العظمى، يوم تأتي وفي عنقك ملايين المظالم، وقد غششت رعيتك ، وفعلت الأفاعيل العظام، وداعاً يا مسكين لا لقاء بعده إن شاء الله.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أما أنتم أيها الشعب المصري الباسل فشكراً لكم وهنيئاً لكم، ونحن فخورون بكم وبجهادكم وصبركم وتضحياتكم لكن ينبغي تذكر الآتي أيها الإخوة والأخوات:
أولاً : إياكم وسارقي الثورات، فقد سُرقت ثورة الجزائر 1382/1962، وسرقت ثورة اليمن، سنة 1382/1962، وسرقت ثورة تونس 1376/1956، وسرقت ثورات أخرى، فإياكم يا أحبابي من سرقة ثورتكم، فلا تستبدلوا ظلماً بظلم، ولا طغياناً بطغيان، ولا تقبلوا هذا، فإن حصل انزلوا مرة أخرى إلى الشوارع وتظاهروا، ولا تقبلوا بالظلم مرة أخرى أبداً، وهذا هو الظن بكم إن شاء الله تعالى.
ثانياً : إن أهم المهمات الملقاة على عاتقكم منذ سقوط الطاغوت هو العمل الجاد المخلص على إقامة شريعة الإسلام، فبدون الشريعة لا قيام لكم من ضعفكم، ولا عذر لكم عند ربكم بعد زوال الطاغوت الممانع والصنم المدافع، وهذه فرصة جليلة أن يُحكم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في أعظم بلد إسلامي وأكثره أهمية، وتذكروا قوله تعالى : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}[الأعراف :96] وقوله تعالى : { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} [الحج:41].
ثالثاً: يا مشايخ مصر: قد زال الطاغوت فارجعوا إلى ما ينبغي أن يكون عليه المشايخ من العز والكرامة والأثر البالغ في المجتمع، ارجعوا إلى العظمة التي كانت لمشايخ الأزهر الكبار، ولا تنسوا أنكم من بلد العز بن عبد السلام سلطان العلماء، ومن بلاد عمر مكرم قاهر الانكليز.
رابعاً : أيها الدعاة في مصر: أنتم الأمل بعد الله تعالى، فأعيدوا الشعب المصري للتمسك بدينه من جديد ليكون الشعب الصامد في وجه أعداء الإسلام، ليكون الشعب الذي عرفناه قاهراً للتتار، ومطهراً الأرض من الصليبيين في عكا، وهو الذي هزم اليهود في رمضان سنة 1393/1973.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
اللهم لك الحمد أن أحييتنا حتى نرى هذا اليوم العظيم، يوم زوال الطغيان واضمحلال البهتان، وانهدام الحزب الوثني، وانقلاع أركانه إلى الأبد إن شاء الله تعالى.
ـ وأنصح حكام العرب - من الذين طغوا وبغوا- بأن يحكموا شرع الله تعالى ومصالحة شعوبهم قبل أن يصيبهم ما أصاب الطاغية، وتبرأ منهم شعوبهم، وتبقى مظالمهم في أعناقهم إلى يوم لقاء الله تعالى.
ـ وأنصح الشعوب العربية الرازحة تحت حكم الطغاة بالصبر وتقوى الله تعالى حتى يهيئ الله تعالى لها فرجاً ومخرجاً، كما هيأ لشعب مصر من حيث لا يحتسبون.
ولا أجد أحسن ختاماً من قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران :200].
ومن قوله تعالى :
{وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ}[الأعراف:137].
ومن قوله تعالى :
{إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف:128].
ـ والله أكبر الله أكبر الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد