الحمد لله الذي أعز جنده وأيد عباده المؤمنين بالنصر والتمكين إذا ما أخذوا إلى ذلك التمكين أسباب الأرض المتاحة، مُعلِّقين قلوبهم برب السماوات والأرض، ميممين وجوههم شطره، فهو وحده ناصرهم ومؤيدهم ومُمدهم بمدد الإيمان والقوة والعزم ثم التمكين إن شاء الله.
{ألا إن نصر الله قريب}.
وإنما النصر صبر ساعة.
الغطرسة المتناهية التي يعامل بها الرئيس الليبي شبه المخلوع معمر القذافي الذي تلاعب بأرض ليبيا وشعبها طيلة أربعة قرون ويزيد لن تنتهي إلا باقتلاع بذرته الفاسدة من هذه الأرض الطيبة أرض المجاهد الكبير عمر المختار.
الأرض التي لفظت الاحتلال الإيطالي تلفظ اليوم احتلال آخر من بني جلدتها أفسدوا في الأرض واستعبدوا الديار والأحرار.
أرض ليبيا المباركة تعاني اليوم من مخاض عسير، مليء بالدماء، بعدما جُن جنون حاكمها ويحاول بكل ما آتاه الله من قوة أن يحارب الله وجنده، فإما الرضا ببقائه أو حرق ليبيا وأهلها عن بكرة أبيهم، ولسان حاله يقول: {ما علمت لكم من إله غيري}.
ولكن هيهات هيهات، انتفض الشعب الليبي الأبي وقام ولن يعود إلى ثكناته حتى يذود عن ثغره ويحرر أرضه وينشر فيها العدل والإسلام من جديد، ويعود شعب ليبيا إلى كتاب الله القرآن الكريم، بعدما فرض عليه هذا الحاكم الطاغية كتابه الأخضر المعتوه الذي يحاد به كتاب الله ويحاول مضاهاته عياذاً بالله.
الشعب الليبي يعاني اليوم من حرب حقيقية وليست ثورة عادية، فالثورات التي سبقت الثورة الليبية كانت تتميز بكونها سلمية رغم ما أنفق فيها من دماء طاهرة سواء في مصر أو في تونس (أسأل الله أن يتقبل شهداء الثورتين).
أما في ليبيا فهي حرب تحرير حقيقية، يحارب فيها الحاكم شعبه، بل والعجب أنه يستقوي بعناصر أفريقية أجنبية جاء بها ليقتل بني شعبه، في خيانة غير مسبوقة في التاريخ الحديث.
ونقول لكل ليبي: أنت اليوم على ثغر ونسأل الله لك الثبات ونسأله سبحانه أن يتقبل شهداءكم، ولا تنسوا تصحيح النية، فما قمتم إلا طلباً للعدالة ولتكون كلمة الله هي العليا، وليكون شرع الله هو الحاكم، وكتاب الله هو الهدى وليس الكتاب الأخضر أو الأحمر.
قوموا لله، وجاهدوا في الله، وصححوا النيات، وارفعوا لله الرايات.
والله ناصركم ومؤيدكم -لا محالة- ما اتخذتم إلى النصر أسبابه، وإذا نفدت أسباب الأرض فلن تنفد أبداً أسباب السماء، ولكم في ثورتي تونس ومصر الأسوة، فالله أعز جنده ونصر عباده، و{إن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً} ولا يغلب عسر يسرين.
يا أمة الإسلام:
إن ما يجري اليوم على الأرض الليبية من انتهاك لكل الحقوق أمانة في رقاب الجميع، فعلى الشعوب أن تطالب بإغاثة أهلنا في ليبيا، وعلى الحكام أن يتحركوا، خاصة دول الجوار، سواء المجلس العسكري الحاكم المؤقت في مصر، أو الحكومة التونسية المؤقتة، ونطالب دول الخليج العربي بسرعة الإغاثة الإنسانية، وسرعة المطالبة الدولية بملاحقة هذا الحاكم المتغطرس الذي يريد إهلاك الحرث والنسل حتى يتركها جرداء.
نأمل من الدولة التركية الصاعدة بقوة أن تضطلع بمهامها الريادية و أن تساعد الشعب الليبي.
نأمل من كل حر على وجه الأرض أن يساعد الشعب الليبي.
وعلى كل مسلم أن يساعد بالدعاء والمواساة بالمال ووسائل الإغاثة، ومطالبة الحكومات بالتحرك السريع، ونشر القضية على أوسع نطاق وبأسرع ما يمكن من سبل، فعلى كل منا أن يبذل ما يستطيع لنصر قضية أهلنا الأحرار في ليبيا.
اللهم أيد إخواننا في ليبيا بتأييدك، وأمدهم بمدد من عندك، وأفرغ عليهم الصبر والسلوان، والقوة والعنفوان، وألبسهم ثياب الشجعان، واربط على قلوبهم وثبت أقدامهم واحقن دماءهم واستر أعراضهم، ومكن لهم يا رب العالمين.
اللهم أنزل عليهم سكينتك و نصرك، اللهم أقر أعينهم بالنصر والتمكين العاجل إنك أنت السميع العليم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.